الأربعاء، 11 أبريل 2012
رسالة مفتوحة الى رئيس الدولة
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ،
حضرة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس المجلس الأعلى للإتحاد رئيس الدولة حفظك الله وسدد خطاك
.
يُـحمسني للكتابة إليك ومخاطبتك علمي بطيب سجاياك وكريم خلقك وعظيم مسؤوليتك فأنت قبل أن تكون رئيساً للدولة أبٌ لأهل الإمارات عرفك الناس بصاحب القلب الطيب الكبير ، واليد البيضاء الكريمة ، والشخصية الجامعة التي لا يختلف عليها أحد ، فأنت رمزٌ للوحدة الوطنية ولا عجب في ذلك ممن تربى في مدرسة زايد الخير والعطاء والحب والوحدة باني هذا الصرح العظيم ومشيّد هذه النهضة التي ننعم بها ، عليه من الله الرحمة والمغفرة .
يا صاحب السمو ، لقد شيّد الشيخ زايد رحمه الله هذا الإتحاد مع جمع القلوب المتنافرة والقبائل المختلفة فـوّحـد الشتات ورصّ الصفوف بما آتاه الله عز وجل من حكمة وحلم عظيم ، وأرسى قواعد الدولة على أسس متينة من الدين والأخلاق والألفة والمحبة وقد ساهم في هذا كله ما تميّز به الإنسان الإماراتي من طيب نفس واستعداد للخير وذكاء وحب للبناء والتنمية ، فجاءت أعوام مباركة تسارع فيها الخير وانهل فيها العطاء وأثمر فيها الزمن حتى استطعنا فيها بتوفيق من الله عز وجل ثم بحكمة زايد وإخوانه وبجد واجتهاد أهل الإمارات أن نخرج للناس هذه الدولة التي ذاع صيتها الطيب وامتدت أياديها البيضاء وفاض نماؤها فتجاوز حيزها الجغرافي الصغير ليضل خيرها في كل مكان .
ولقد تحملتم يا صاحب السمو مسؤولية إكمال المسيرة وقيادة السفينة فنسأل الله عز وجل أن يعينكم ويسددكم ويرزقكم البطانة الصالحة .
يا صاحب السمو الوالد ، أستميحك العذر أن أبث إليك مما يختلج في النفس من الأسى والحزن على تبدل الحال وتغير المسار وخاصة في أمر الدين والأخلاق وحقوق الناس والحريات ، وسأذكر هنا في هذه السطور القليلة شيئاً من هذه الملاحظات بصراحة وشفافية .
يا صاحب السمو ، لقد أصبح التدين والدعوة إلى الله في الإمارات جرماً يحاسب عليه صاحبه ويلاحق من أجله ويفصل من وظيفته ويمنع منها ومن حقوقه المدنية الأخرى ، بل يصرح كثير من رجال الأمن الذين يمارسون التحقيق بدون حق مع الدعاة إلى الله أن الدعوة إلى الله ممنوعة وحين يُـسألون من الذي يمنع الدعوة إلى الله يردون بالقول بأن (الشيوخ لا يريدون الدعوة) وهذا تصريح خطير يا صاحب السمو وافتراء على مقامكم وإخوانكم فنحن على يقين من حبكم للدين والدعوة إلى الله ولن تقفوا يوماً إلا مع الدين والدعوة إليه .
يا صاحب السمو يتعرض الدعاة إلى الله في الإمارات إلى التضييق الشديد والتهديد والسجن وتشويه سمعتهم والنيل من أعراضهم يقود هذا الاعلام الرسمي ومصادرة حقهم في الدعوة إلى الله وإغلاق مؤسساتهم الرسمية العلنية التي تمارس الدعوة إلى الله ، بل إن كثير من الدعاة والعلماء من دول الخليج العربي والدولة العربية الأخرى ممنوعون من دخول دولة الإمارات لا جرم اقترفوه بل لأنهم يدعون إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة .
يا صاحب السمو لقد ساهم الدعاة إلى الله في الإمارات في البناء والتنمية وكانوا ومازالوا مواطنين صالحين يحبون وطنهم ويخلصون من أجله ويجدون ويجتهدون في وظائفهم وأدوارهم في المجتمع ولقد حاز كثير منهم الأوسمة والجوائز وشهادات التقدير لحسن أدائهم وتفوقهم في أعمالهم وهذا دليل على الإخلاص وحب الوطن والولاء له .
يا صاحب السمو ، إن الدعاة إلى الله على اختلاف مدارسهم نبتٌ طيب في هذا البلد الطيب لم يأتوا بفكر غريب أو منهج مستورد وإنما هم امتداد لجهود العلماء والدعاة والمصلحين في هذا البلد منذ زمن بعيد ، غايتهم إصلاح الفرد والأسرة والمجتمع ، يتطوعون في خدمة مجتمعهم ويكمّلون جهود الدولة في البناء والتنمية ويجعلون من أنفسهم جنوداً أوفياء لدينهم ووطنهم وأمتهم ، وهم مكوّن طبيعي أصيل من مكونات مجتمع الإمارات ينتشرون في ربوعه من أقصاه إلى أقصاه يلتف الناس حولهم يحبونهم ويؤيدونهم لا يمكن إلغاؤهم وتهميشهم ويقبلون النقد والتوجيه والنصيحة ، قال تعالى " ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين ".
إن الدعاة إلى الله يا صاحب السمو صمام أمان للمجتمع من الانحراف والفساد فهل يعقل أن يغلق هذا الباب و تفتح أبواب الشر لتعيث في الأرض فسادا و إفسادا.
يا صاحب السمو ، لقد أُغلقت المساجد بيوت الله في وجوه الدعاة وحيل بينهم وبين ممارسة الدعوة في المسجد من إلقاء الخطب والدروس والمواعظ والله تعالى يقول " ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها "، لقد تقلص دور المسجد من كونه منارةً للخير ومكاناً للدعوة إلى الله ومحضناً اجتماعياً يلتقي فيه الناس إلى موضع مؤقت للصلاة يفتح ويغلق بعدها .
يا صاحب السمو ، لقد تحَول التعليم من شأن إتحادي كما هو في الدستور إلى شأن محلي فرّغ من الطاقات المواطنة المؤهلة والعاملة فيه وأقصي الدعاة والمصلحين من أروقته واًصبح ساحة مستباحة للغرباء علينا في الدين واللغة والقيم والعادات ، لقد سلمت أمانة التعليم والتربية إلى الأجانب وغير المسلمين فهل هؤلاء يا صاحب السمو أهلاً لإعداد النشء وتربية الجيل ؟ ترى ما هي القيم التي سوف يغرسونها في نفوس وعقول أبنائنا وأي جيل صالح ننتظر أن يخرج من تحت أيدي هؤلاء الذين لا ينتمون إلى ديننا ولغتنا وعاداتنا بصلة ، ونخشى أن يخرج لنا جيل لا يتحدث بلغته ولا يعتز بقيمه وعاداته .
صاحب السمو تقدم إليك ثلة من أبنائك في المجتمع يمثلون مختلف الشرائح من الدعاة وأصحاب المؤهلات العلمية وأعيان البلد وغيرهم بطلب مشروع يلتمسون فيه من سموكم النظر الصائب والرأي السديد في مجلس وطني منتخب وكامل الصلاحيات فووجهوا فيه بالتخوين تارة وعدم الولاء تارة أخرى وأصبحوا محل اتهام ومادة للطعن في وطنيتهم وتشويه سمعتهم استخدمت في ذلك كل الوسائل وصدرت عليهم أحكام بالسجن لولا تدخلك شخصيا بالعفو عنهم .
صاحب السمو لقد فوجئ الناس بسحب جنسيات سبعة من دعاة الاصلاح ممن عرفوا بالصلاح والاستقامة والإسهام في تنمية مجتمعهم وهم يحملون من المؤهلات العلمية العالية والنادرة وقد خيروا بين إستبدال جنسيتم أو السجن فاختاروا السجن على بيع وطنهم والتخلي عنه .
يا صاحب السمو ، هذا غيض من فيض ، وأنات وتأوهات أبوح بها عن نفسي وأعبر بها عن إخواني الدعاة إلى الله وخاصة دعاة الإصلاح وأصرح بها عن ما يدور في المجتمع في المجالس والمنتديات ووسائل الاتصال وغيرها علها تصل إليك لتكشف لك الواقع المرير الذي يعيشه شعبك وكلنا فيك أمل بعد الله أن ترفع عنا الظلم وأن تأخذ بأيدينا إلى بناء دولة القانون والحرية والعدالة ، خاصة وأمتنا تمر بتحولات ضخمة وتغيرات جذرية تودع فيها عصر الاستبداد والظلم لتستقبل عصر الحرية والكرامة . إبنكم : صالح بن محمد الظفيري
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)