الأربعاء، 11 أبريل 2012

رسالة مفتوحة الى رئيس الدولة

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، حضرة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس المجلس الأعلى للإتحاد رئيس الدولة حفظك الله وسدد خطاك . يُـحمسني للكتابة إليك ومخاطبتك علمي بطيب سجاياك وكريم خلقك وعظيم مسؤوليتك فأنت قبل أن تكون رئيساً للدولة أبٌ لأهل الإمارات عرفك الناس بصاحب القلب الطيب الكبير ، واليد البيضاء الكريمة ، والشخصية الجامعة التي لا يختلف عليها أحد ، فأنت رمزٌ للوحدة الوطنية ولا عجب في ذلك ممن تربى في مدرسة زايد الخير والعطاء والحب والوحدة باني هذا الصرح العظيم ومشيّد هذه النهضة التي ننعم بها ، عليه من الله الرحمة والمغفرة . يا صاحب السمو ، لقد شيّد الشيخ زايد رحمه الله هذا الإتحاد مع جمع القلوب المتنافرة والقبائل المختلفة فـوّحـد الشتات ورصّ الصفوف بما آتاه الله عز وجل من حكمة وحلم عظيم ، وأرسى قواعد الدولة على أسس متينة من الدين والأخلاق والألفة والمحبة وقد ساهم في هذا كله ما تميّز به الإنسان الإماراتي من طيب نفس واستعداد للخير وذكاء وحب للبناء والتنمية ، فجاءت أعوام مباركة تسارع فيها الخير وانهل فيها العطاء وأثمر فيها الزمن حتى استطعنا فيها بتوفيق من الله عز وجل ثم بحكمة زايد وإخوانه وبجد واجتهاد أهل الإمارات أن نخرج للناس هذه الدولة التي ذاع صيتها الطيب وامتدت أياديها البيضاء وفاض نماؤها فتجاوز حيزها الجغرافي الصغير ليضل خيرها في كل مكان . ولقد تحملتم يا صاحب السمو مسؤولية إكمال المسيرة وقيادة السفينة فنسأل الله عز وجل أن يعينكم ويسددكم ويرزقكم البطانة الصالحة . يا صاحب السمو الوالد ، أستميحك العذر أن أبث إليك مما يختلج في النفس من الأسى والحزن على تبدل الحال وتغير المسار وخاصة في أمر الدين والأخلاق وحقوق الناس والحريات ، وسأذكر هنا في هذه السطور القليلة شيئاً من هذه الملاحظات بصراحة وشفافية . يا صاحب السمو ، لقد أصبح التدين والدعوة إلى الله في الإمارات جرماً يحاسب عليه صاحبه ويلاحق من أجله ويفصل من وظيفته ويمنع منها ومن حقوقه المدنية الأخرى ، بل يصرح كثير من رجال الأمن الذين يمارسون التحقيق بدون حق مع الدعاة إلى الله أن الدعوة إلى الله ممنوعة وحين يُـسألون من الذي يمنع الدعوة إلى الله يردون بالقول بأن (الشيوخ لا يريدون الدعوة) وهذا تصريح خطير يا صاحب السمو وافتراء على مقامكم وإخوانكم فنحن على يقين من حبكم للدين والدعوة إلى الله ولن تقفوا يوماً إلا مع الدين والدعوة إليه . يا صاحب السمو يتعرض الدعاة إلى الله في الإمارات إلى التضييق الشديد والتهديد  والسجن  وتشويه سمعتهم والنيل من أعراضهم يقود هذا الاعلام الرسمي ومصادرة حقهم في الدعوة إلى الله وإغلاق مؤسساتهم الرسمية العلنية التي تمارس الدعوة إلى الله ، بل إن كثير من الدعاة والعلماء من دول الخليج العربي والدولة العربية الأخرى ممنوعون من دخول دولة الإمارات لا جرم اقترفوه بل لأنهم يدعون إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة . يا صاحب السمو لقد ساهم الدعاة إلى الله في الإمارات في البناء والتنمية وكانوا ومازالوا مواطنين صالحين يحبون وطنهم ويخلصون من أجله ويجدون ويجتهدون في وظائفهم وأدوارهم في المجتمع ولقد حاز كثير منهم الأوسمة والجوائز وشهادات التقدير لحسن أدائهم وتفوقهم في أعمالهم وهذا دليل على الإخلاص وحب الوطن والولاء له . يا صاحب السمو ، إن الدعاة إلى الله على اختلاف مدارسهم نبتٌ طيب في هذا البلد الطيب لم يأتوا بفكر غريب أو منهج مستورد وإنما هم امتداد لجهود العلماء والدعاة والمصلحين في هذا البلد منذ زمن بعيد ، غايتهم إصلاح الفرد والأسرة والمجتمع ، يتطوعون في خدمة مجتمعهم ويكمّلون جهود الدولة في البناء والتنمية ويجعلون من أنفسهم جنوداً أوفياء لدينهم ووطنهم وأمتهم ، وهم مكوّن طبيعي أصيل من مكونات مجتمع الإمارات ينتشرون في ربوعه من أقصاه إلى أقصاه يلتف الناس حولهم يحبونهم ويؤيدونهم لا يمكن إلغاؤهم وتهميشهم ويقبلون النقد والتوجيه والنصيحة ، قال تعالى " ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين ". إن الدعاة إلى الله يا صاحب السمو صمام أمان للمجتمع من الانحراف والفساد فهل يعقل أن يغلق هذا الباب و تفتح أبواب الشر لتعيث في الأرض فسادا و إفسادا. يا صاحب السمو ، لقد أُغلقت المساجد بيوت الله في وجوه الدعاة وحيل بينهم وبين ممارسة الدعوة في المسجد من إلقاء الخطب والدروس والمواعظ والله تعالى يقول " ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها "، لقد تقلص دور المسجد من كونه منارةً للخير ومكاناً للدعوة إلى الله ومحضناً اجتماعياً يلتقي فيه الناس إلى موضع مؤقت للصلاة يفتح ويغلق بعدها . يا صاحب السمو ، لقد تحَول التعليم من شأن إتحادي كما هو في الدستور إلى شأن محلي فرّغ من الطاقات المواطنة المؤهلة والعاملة فيه وأقصي الدعاة والمصلحين من أروقته واًصبح ساحة مستباحة للغرباء علينا في الدين واللغة والقيم والعادات ، لقد سلمت أمانة التعليم والتربية إلى الأجانب وغير المسلمين فهل هؤلاء يا صاحب السمو أهلاً لإعداد النشء وتربية الجيل ؟ ترى ما هي القيم التي سوف يغرسونها في نفوس وعقول أبنائنا وأي جيل صالح ننتظر أن يخرج من تحت أيدي هؤلاء الذين لا ينتمون إلى ديننا ولغتنا وعاداتنا بصلة ، ونخشى أن يخرج لنا جيل لا يتحدث بلغته ولا يعتز بقيمه وعاداته . صاحب السمو تقدم إليك ثلة من أبنائك في المجتمع يمثلون مختلف الشرائح من الدعاة وأصحاب المؤهلات العلمية وأعيان البلد وغيرهم بطلب مشروع يلتمسون فيه من سموكم النظر الصائب والرأي السديد في مجلس وطني منتخب وكامل الصلاحيات فووجهوا فيه بالتخوين تارة وعدم الولاء تارة أخرى وأصبحوا محل اتهام ومادة للطعن في وطنيتهم وتشويه سمعتهم استخدمت في ذلك كل الوسائل  وصدرت عليهم أحكام بالسجن لولا تدخلك شخصيا بالعفو عنهم .  صاحب السمو لقد فوجئ الناس بسحب جنسيات سبعة من دعاة الاصلاح ممن عرفوا بالصلاح والاستقامة والإسهام في تنمية مجتمعهم وهم يحملون من المؤهلات العلمية العالية والنادرة وقد خيروا بين إستبدال جنسيتم أو السجن فاختاروا السجن على بيع وطنهم والتخلي عنه . يا صاحب السمو ، هذا غيض من فيض ، وأنات وتأوهات أبوح بها عن نفسي وأعبر بها عن إخواني الدعاة إلى الله وخاصة دعاة الإصلاح وأصرح بها عن ما يدور في المجتمع في المجالس والمنتديات ووسائل الاتصال وغيرها علها تصل إليك لتكشف لك الواقع المرير الذي يعيشه شعبك وكلنا فيك أمل بعد الله أن ترفع عنا الظلم وأن تأخذ بأيدينا إلى بناء دولة القانون والحرية والعدالة ، خاصة وأمتنا تمر بتحولات ضخمة وتغيرات جذرية تودع فيها عصر الاستبداد والظلم لتستقبل عصر الحرية والكرامة .      إبنكم : صالح بن محمد الظفيري 

الجمعة، 2 مارس 2012

الإسلام دين الفطرة

إن الإسلام دين الفطرة ، فالله عز وجل هو خالق هذه الفطرة وهو كذلك منزل هذا الإسلام ، فلا ريب أن ينسجم الإسلام بتعاليمه السامية مع فطرة الإنسان وان يفتح أمامها أبواب الإشباع السليمة لها ، وان يحفظها من كل مؤثر يجرفها عن الجادة .  لكن ما هو مفهوم الفطرة في اللغة والشرع ؟ الفطرة لغة : هي الخلقة التي يكون عليها كل موجود أول خلقة وقد توسع صاحب لسان العرب في بيان معنى الفطرة فقال : ( فطر الشئ يفطر فطرا ، فانفطر ، وفطرة شقة ، وتفطر الشئ أي تشقق ، الفطر : الشق وجمعة فطور .. كما جاء في سورة الملك الآية الثالثة قوله تعالى ( فارجع البصر هل ترى من فطور ) وفي سورة الانفطار الآية الأولى قولة تعالى ( إذا السماء انفطرت ) أي تشققت . والفطرة : هي الاختراع والابتداع ، قال تعالى في الآية الأولى من سورة فاطر ( الحمدلله فاطر السموات والأرض ) . والفطرة هي  التي يخلق عليها المولود في بطن أمه ، قال تعالى في سورة الزخرف الآية السابعة والعشرين ( إلا الذي فطرني فانه سيهدين ) والفطرة : ما فطر الله عليه الخلق من المعرفة به ومنة قوله صلى الله عليه وسلم ( ما من مولود إلا ويولد على الفطرة ) رواه البخاري ، والمقصود بها السعادة أو الشقاوة ، وفطرة ثانية هي الشهادتان فتلك فطرة الدين ، وقيل : فطر كل إنسان على معرفته ، بان الله رب كل شئ وخالقه ، والفطرة الحالة أي الهيئة .. والمعنى انه يولد على نوع من الجبلة والطبع المتهيئ لقبول الدين ، فلو ترك عليها لاستمر على لزومها ولم يفارقها إلى غيرها ، وإنما يعدل عنه لآفة بشرية – لسان العرب لابن منظور . الفطرة شرعا :  اختلف العلماء في معنى الفطرة المذكورة في الكتاب والسنة إلى أقوال ، فيروى عن الإمام احمد بن حنبل روايتان في ذلك :  الأولى :  الإقرار بمعرفة الله : وهو العهد الذي أخذه الله على الناس في أصلاب آبائهم حتى مسح ظهر ادم فاخرج من ذريته إلى يوم القيامة أمثال الذر ، قال تعالى في سورة الأعراف ( وإذ اخذ ربك من بني ادم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة أنا كنا عن هذا غافلين ) .  والرواية الثانية : أنها الفطرة التي فطر الله عليها العباد من الشقاوة والسعادة ، ويرجح شيخ الإسلام ابن تيمية معنى الفطرة عند الإمام احمد رضي الله عنه أنها الإسلام فقال : (( احمد لم يذكر العهد الأول وإنما قال : الفطرة الأولى التي فطر الناس عليها وهي الدين ، وقال في غير موضوع أن الكافر إذا مات أبواه أو احدهما حكم باسلامة )) ومن معانيها : السلامة خلقة وطبعا وبنية ليس معها كفر ولا إيمان ولا معرفة ولا إنكار ثم يعتقد الكفر أو الإيمان  بعد البلوغ إذا ميز إذا الفطرة هي الميل إلى الحق ومعرفة الله عز وجل والإيمان به والشعور بان لهذا الكون خالقا ومدبراً والفطرة هي الميل إلى وضع الأشياء في مواضعها والرجوع إلى جوهر المعاني والصفات الإنسانية ، فتعريف الصدق واحد عند كل البشر مع اختلاف أجناسهم وأديانهم ، وهذا أمر فطري وكذلك تعريف العدل والظلم لا يختلف عليه الناس وان خالفوه في واقعهم ومعاملاتهم لكن في معناه وجوهره واحد وهذا أمر فطري ، قال تعالى في سورة الروم : ( فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ، ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون ) . قال ابن كثير رحمة الله في تفسير الفطرة : انه تعالى فطر خلقة على معرفته وتوحيده وانه لا اله غيره . وقال سيد قطب رحمة الله في تفسيره لهذه الآية : ( بهذا يربط بين فطرة النفس البشرية وطبيعة هذا الدين وكلاهما من صنع الله .. وكلاهما موافق لناموس الوجود ، وكلاهما متناسق مع الآخرين في طبيعته واتجاه ، والله الذي خلق القلب البشري هو الذي انزل إليه هذا الدين ليحكمه ويصرفه ويطب له من المرض ويقومه من الانحراف وهو اعلم بمن خلق وهو اللطيف الخبير . والفطرة ثابتة والدين ثابت ( لا تبديل لخلق الله ) فإذا انحرفت النفوس عن الفطرة لم يردها إلا هذا الدين المتناسق مع الفطرة ، فطرة البشر وفطرة الوجود . فهناك انسجام تام بين ما في النفس من مشاعر وأحاسيس وقواعد ثابتة حول الكون  والنفس والمجتمع و بين دين الله عز وجل وان ما نراه اليوم من انتكاسة للبشرية في ميدان الروح والاجتماع رغم ما وصلت إليه من تقدم علمي ورفاهية مادية دليل على انفصام الفكر بين الفطرة والواقع البائس الذي يعارض الفطرة بل يحاربها ويحاول أن يبدل ثوابت هذه الفطرة ونواميس الله عز وجل  في خلقة حتى يوجد ثوابت ونواميس جديدة – وأنا له -  تحل محل الفطرة السليمة وانك لترى هذا واضحا جليا في أسلوب حياة الغرب  ومن سار في ركابهم . ونتائج هذا الاعوجاج والارتكاس من اضطراب نفسي وقلق دائم أفضى إلى انتشار معدلات الجرائم والتعدي على النفس والآخرين وما تحياه الأسر من تفكك وتحطم في أواصرها وحياتها وما يعيشه المجتمع من عبث وهرج أوصله إلى حافة الهاوية ، فصيحات العقلاء تدوي منادية بخطورة الأمر وبداية النهاية . عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو يمجسانه )) ثم يقول أبو هريرة اقرؤوا إن شئتم (( فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون )) وفي هذا الحديث الشريف بين المصطفى صلى الله عليه وسلم حقيقة ثابتة وطبيعة مستقرة في النفس البشرية أنها مفطورة على الخير وأنها مجبولة على معرفة الله عز وجل ومحبته والإنابة إليه وأنها خلقت ولديها الاستعداد التام لقبول الحق والإذعان إليه ونبذ الشر والإعراض عنه فهي طيبة المنبت سليمة الوجهة نقية السريرة ، كما أن الحديث يوضح اثر البيئة الفاسدة على الفطرة وأنها تكون سببا لانحرافها عن وجهتها وان النفس وان كانت في أصلها الخير واختيار الحق إلا أن المؤثرات البيئية الخارجية لها ابلغ الأثر في تغيير وجهتا وطمس هويتها الأصلية . ويقول الشيخ محمد الصابوني معلقا على هذا الحديث ( وهذا الأصل الذي ارشد إليه الرسول الكريم هو : أن الخير في الإنسان أصيل ، وان الشر فيه عارض ، وانه يخلق على الفطرة السليمة والصفاء والنقاء وان استعداده للخير كامل ، ولكن المجتمع هو الذي يفسده والبيئة التي يعيش فيها هي التي تلوث فطرته وتفسد خلقه ودينه ولاسيما أبواه فهما سبب هلاكه ودماره وسبب فساده أو إصلاحه وسبب استقامته أو اعوجاجه .

الأحد، 26 فبراير 2012

رسالة إلى جهاز الأمن

إخواني قيادات وأفراد جهاز امن الدولة في دولة الإمارات الأعزاء بداية أنا لا أشك في إخلاصكم ووطنيتكم ودوركم المهم والحساس  الذي تقومون به  ومن هذا المنطلق وددت أن أتحدث إليكم  أيها الإخوة الأعزاء لا يخفى عليكم ما تمر به الأمة العربية من تغيرات هائلة وزلزال سياسي واجتماعي كبير تقوده الشعوب  لتغير من واقعها المرير الذي ظلت تقاسيه وتعانيه من عقود عديدة ذاقت فيه هذه الشعوب  الكبت والذل  والتهميش ومصادرة الحريات كان فيه الوطن مرتهن لمجموعه محدودة من الناس تفعل فيه ما تشاء  تظلم وتبطش وتنهب وتعطل فيه مسيرة التنمية  وتقصي من تشاء وتقرب من تشاء  تحارب كل من خالفها وتتهمه بالعمالة والتآمر والخيانة حتى أصبح التخلف السمة الوحيدة واللازمة المقيتة للأمة العربية  كانت الشعوب العربية تنظر إلى غيرها من الأمم فتراها تنعم بالحرية والمشاركة واحترام حقوق الإنسان انعكس ذلك تطورا هائلا في كل نواحي الحياة حتى أصبحت كثير من هذه الدول الحرة قبلة وملاذا لكثير من علمائنا ومفكرينا  ومبدعينا ومن المؤسف أن أجهزة الأمن في الدول العربية كانت  هي المسؤولية عن هذا التردي والتخلف لذا كان مطلب الشعوب الأول بعد إسقاط رأس النظام إسقاط أجهزة الأمن والتخلص منها وهذا ما حصل في مصر وتونس وليبيا والبقية تأتي ، ومن هنا رب قائل يقول لماذا هذه المقارنة وكأن مجتمع الإمارات  يعاني ما تعاني منه بقية الشعوب العربية وأقول أن من نعم الله علينا هذا الاستقرار والعيش الرغيد والتلاحم بين الشعب وقيادته وحكامه الذين يولون اهتماما لخدمة المجتمع وهو مما ورثناه من الآباء والأجداد ولكن المراقب للساحة الإماراتية يلاحظ وخاصة في العشر السنوات الأخيرة أن داء الدول العربية انتشر فينا واعني به دور جهاز الأمن في الحياة المدنية فأصبح التوظيف والترقية والنقل وغيرها من الحقوق المدنية والوظيفية خاضعة للموافقة الأمنية بل أصبح تدخل جهاز الأمن يتوسع ويتمدد ليبسط نفوذه على كل شيء بل من الغريب على مجتمعنا أن يسود شعور وإحساس عند الجميع أن الأمن يحارب التدين والمتدينين على اختلاف مدارسهم  وأن الأمن يسيطر على الشؤون الإسلامية والأوقاف ويجند الأئمة في صفوفه وفي هذا الصدد استغرب  أن اسمع أن هناك من يفتي أفراد الأمن أن ملاحقة الإسلاميين والمتدينين هي من الإعمال الصالحة التي بها يدخل المرء الجنة  وأقول من السهل اليوم في عالمنا أن تجد من يفتيك بذلك لأن علماء السلطان والمنتفعين  كثر ويصدق فيهم قول الله سبحانه (اشتروا بآيات الله ثمنا قليلا  فصدوا عن سبيله) لذا ادعوكم إلى المراجعة والتطوير في الأداء وان تكونوا سببا في لحمة الوطن  وترابطه  وألا تستوردوا الأساليب التي اثبت الزمن والواقع فشلها وعدم جدواها  أتمنى ألا تحملوا الأشياء أكثر مما تحتمل وان تراعوا خصوصية مجتمعنا وبيئتنا  أتمنى  لكم التوفيق والسداد.  

السبت، 25 فبراير 2012

فريضة الدعوة الى الله

الدعوة الى الله فريضة شرعية دلّت عليها الآيات القرانية والأحاديث النبوية الصحيحة والتي منها قوله تعالى( ولتكن منكم أمة يدعون الى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر) وقوله ( كنتم خير أمة اخرجت للناس تامرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ) وقوله صلى الله عليه وسلم ( بلغوا عني ولو آية) فالدعوة الى الله وظيفة الامة الاسلامية ودورها الريادي في هداية البشرية للإسلام وهذا ما ترجمته الامة عبر تاريخها الطويل وجهادها المتواصل حتى اتسعت رقعة الاسلام وارتفعت راية الاسلام على معظم ارجاء المعمورة ودخلت شعوبا وامما في دين الله وكان هذا الدور تقوم به الدولة الاسلامية ويتولاه امام المسلمين فلما ضاعت دولة الاسلام وتمزقت الى دويلات واصبحت ترزح تحت المستعمر وضعف التزام المسلمين بدينهم نهض مجموعة من العلماء في العالم الاسلامي على اختلاف أوطانهم وافهامهم بتاسسيس الجماعات الاسلامية والتي وضعت على كاهلها القيام بالدعوة الى الله واعادت المسلمين الى دينهم واسترداد فهمهم الصحيح للإسلام وقد آتت هذه الجهود ثمارها فنحن اليوم نشهد صحوة اسلامية عظيمة في كل بلاد المسلمين بل تعدت هذه الصحوة الى اوروبا وامريكا وغيرها من قارات العالم واصبح الاسلام بلا منازع الاكثر إنتشارا وتأثيرا . اما عن سبب تنوع الجماعات الاسلامية فهذا يعود الى ظروف نشأة كل جماعة وفهمها للدين.

الجمعة، 24 فبراير 2012

رسالة المسجد الدعوية

إن الدعوة إلى الله وإصلاح النفوس من الركائز المهمة في المجتمع الإسلامي وهي تعني إقامة فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وزرع روح الأمل والتوبة وتجديد العهد مع الله عز وجل وإبلاغ دين الله سبحانه وتعالى للناس ولقد اختص الله عز وجل الأمة الإسلامية بالخيرية وذلك لقيامها بهذه المهمة العظيمة ، قال الله سبحانه وتعالى في سورة آل عمران ((كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ۗ ...)) الآية 110 ، ويمثل المسجد المكان الذي تنطلق منه قوافل الدعوة إلى الله عز وجل لتبليغ دين الله سبحانه وتعالى للناس ولقد كان رسل رسول الله صلى الله عليه وسلم ينطلقون من المسجد إلى ملوك الأرض وأصقاعها مبلغين دعوة الإسلام ومبشرين بهذا الدين العظيم .

وكان المسجد هو الحصن الذي يلجأ إليه الذين يريدون إعلان توبتهم بل وإسلامهم ، فلقد حصلت معجزات عده في المسجد من أناس أرادوا الشر وجاؤا لقتل النبي صلى الله عليه وسلم ولكن في المسجد انقلب كيانهم في لحظات وتحولت نفوسهم حتى أعلنوا شهادة التوحيد وخرجوا من المسجد بغير الوجه الذي دخلوا به ففي قصة عمير بن وهب الجمعي مع صفوان ابن أمية حين تذكروا قتلى بدر ثم تكفل صفوان بدين عمير وعياله على أن يقوم الثاني بالذهاب إلى المدينة وقتل النبي صلى الله عليه وسلم فلما وصل المدينة ودخل على النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد تغير حاله وأعلن اسلامة .

قال عروة: ثم أمر عمير بسيفه فشُحذ له وسُمّ، ثم انطلق حتى قدم المدينة، فبينا عمر بن الخطاب في نفر من المسلمين يتحدثون عن يوم بدر، ويذكرون ما أكرمهم الله به، ..........

ثم دخل عمر على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا نبي الله، هذا عدو الله عمير بن وهي قد جاء متوشحا سيفه، قال: فأدخله عليّ، فأقبل عمر حتى أخذ بحمالة سيفه في عنقه فلببه بها، ......، ثم دخل به على رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعمر آخذ بحمالة سيفه في عنقه، قال: أرسله يا عمر، ادن يا عمير، فدنا ثم قال: أنعموا صباحا، وكانت تحية أهل الجاهلية بينهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد أكرمنا الله بتحية خير من تحيتك يا عمير، بالسلام: تحية أهل الجنة، فقال: أما والله يا محمد إن كنت بها لحديث عهد.

قال: فما جاء بك يا عمير؟ قال: جئت لهذا الأسير الذي في أيديكم فأحسنوا فيه، قال: فما بال السيف في عنقك؟ قال: قبحها الله من سيوف، وهل أغنت عنا شيئا؟ قال: اصدقني، ما الذي جئت له؟ قال: ما جئتك إلا لذلك، قال: بل قعدت أنت وصفوان بن أمية في الحجر، فذكرتما أصحاب القليب من قريش، ثم قلت: لولا دين علي وعيال عندي لخرجت حتى أقتل محمدا، فتحمل لك صفوان بدينك وعيالك على أن تقتلني، والله حائل بينك وبين ذلك.

قال عمير أشهد أنك رسول الله، قد كنا يا رسول الله نكذبك بما كنت تأتينا به من خبر السماء، وما ينزل عليك من الوحي، وهذا أمر لم يحضره إلا أنا وصفوان، فوالله إني لأعلم ما أتاك به إلا الله، فالحمد لله الذي هداني للإسلام، وساقني هذا المساق، ثم شهد شهادة الحق، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((فقهوا أخاكم في دينه، وأقرئوه القرآن، وأطلقوا له أسيره))، ففعلوا. فمن المسجد تحول من عدو لله ورسوله إلى داعية ومبلغ للامانه .

وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحتجز في المسجد الضال رجاء أن يهتدي عند سماعة للقران ومشاهدته لعبادة المؤمنين وهذا ما حصل لوفد ثقيف حيث بنا لهم رسول الله الخيام في المسجد .

وفي المسجد تستقبل التوبة من العصاة ويتعرضون لقبولها من الله عز وجل ففي قصة لبابه ابن المنذر حين رق لليهود واخبرهم بحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم وهو الذبح وندمه على ذلك وشعوره بالذنب فما كان منه إلا أن توجه إلى المسجد وربط نفسه فيه لأكثر من عشرة أيام حتى انزل الله سبحانه وتعالى عليه توبته في سورة التوبة ((وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ )) الآية (102)

هذه الأدوار التربوية كانت تمارس في المسجد فهو بمثابة المركز الإسلامي الكبير الذي تنطلق منه الدعوة وإصلاح النفوس في الداخل والخارج وتمثل خطبة الجمعة مرتكزا دعويا حيويا .

ولو فهم اليوم دور المسجد في نشر رسالة الإسلام لأصبح مركز إشعاع إيماني وركيزة نور رباني يربي الأرواح ويطهر القلوب ويبث مفاهيم الإسلام السامية بشموليتها من جنباته ،

فيؤدي المسجد رسالة ربانية دائمة طوال اليوم ، يخرج أجيال المستقبل ممن يحملون الخير لأنفسهم ولمجتمعهم ولامتهم .

فهلا عاد المسجد لأدواره التي أسس عليها وانفك عنه قيد الأسر والتحييد .

بقلم / صالح محمد الظفيري

من المسؤول؟!

انتشار ظاهرة الفساد الأخلاقي وإغراق البلد به بصورة كبيرة الأمر الذي لايحتاج إلى دليل لإثباته، وما له من أثر مدمر على المجتمع وشبابه وأخلاقه يجعلنا نتسائل عن المسؤول عن هذا، ومن الذي أعطى الأذن بممارسة هذه الأنشطة المنافية للشرع والمخالفة لأخلاق وعادات المجتمع، وهل المسؤلين وعلى رأسهم الحكام غير مسؤولين عن هذا مع علمنا أن جميع الدوائر لا تمارس نشاطاتها أو أعمالها إلا بعد أن تصدر فيها مراسيم تنظم أعمالها وتحدد أوجه نشاطها وإذا خالفت هذه الدوائر هذه المراسيم تعرضت للمسائلة والعقاب.

فمن هنا نقول هل هذا الفساد المنتشر يعمل بصورة رسمية وتحت رخص أم أنه مخالف؟ فإن كانت الأولى فتلك مصيبة وإن كانت الثانية فالمصيبة أعظم وفي كلتا الحالتين فالأمر فيه مخالفة شرعية واضحة والله سبحانه قد حذر من مغبة انتشار الفساد والإعلان به وجعله سببا للعقوبة الربانية وزوال الأمم وإهلاكها قال تعالى: (ألم تر كيف فعل ربك بعاد * إرم ذات العماد * التي لم يخلق مثلها في البلاد * وثمود الذين جابوا الصخر بالواد * وفرعون ذي الأوتاد * الذين طغو في البلاد * فأكثروا فيها الفساد * فصب عليهم ربك سوط عذاب إن ربك لبالمرصاد).

ومن هنا يجب علينا شرعا أن نصدح بالحق ولو كان مرّا وعلى المسؤلين وعلى رأسهم الحكام أن يتحملوا واجبهم الشرعي في حماية المجتمع من الفساد وفي هذا الصدد يجدر بنا أن نثمن موقف حاكم الشارقة الشيخ سلطان في منعه لهذه المظاهر ومحاربته لها فندعو الله له بالتوفيق والسداد فجزاه الله خيرا وجعله في موازين أعماله، ونريد أن نقرر حقيقة شرعية أنه لا حصانة لأحد كائن من كان في المخالفة الشرعية فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.